السويديون والنرويجيون لديهم كلمة في لغتهم تسمى lagom، والتي ترجمت بشكل فضفاض إلى مايسمى “مجرد حق” أو “باعتدال”، وهو مايدل على حالة من التوازن يمكن أن تشير بسهولة إلى المساواة الاجتماعية والاقتصادية التي كثيرا ما يتم الإشادة بها.
يمكن القول أن هذا ما يفسر سبب تصنيف دول الشمال الخمس – السويد والنرويج وفنلندا والدنمارك وأيسلندا – منذ عام 2013 ضمن أفضل 10 دول في قائمة تقرير السعادة العالمي للبلدان الأكثر رضى في جميع أنحاء العالم.
لكن عندما يتم تطبيقه على الميزانيات الشخصية للعائلات الأكثر ثراءً في كندا يثور التساؤل عن ما هو مقدار الثروة التي يمكن أن يجعلك سعيداً؟
هذا نقاش معقد وشائع جداً بين المكاتب العائلية وعملائها من أصحاب الثروات العالية، فغالباً ما يكافح هؤلاء لتحديد المبلغ الذي يحتاجون إليه للحصول على الأمان المالي وتحقيق أهداف أسلوب حياتهم على المدى الطويل.
في غضون ذلك يقول Greg Moore الشريك في مكتب العائلة Richter LLP ومقره مونتريال، أنه حول المنهجية التي يمكن أن يستخدمها الأثرياء لتحديد مقدار الثروة الكافية، فإنه لا توجد إجابة صحيحة أو خاطئة أو مقياس واحد يناسب الجميع، فعلى سبيل المثال يمكن للأسرة التي تبلغ ثروتها 100 مليون دولار أن تزيد من خلال عوائد الاستثمار جزء بسيط إلى محفظتها دون القلق من أنها قد تستنفد مدخراتها.
وأضاف Moore أنه يمكن استخدام توقعات الاستثمار القائمة على افتراضات السوق المعقولة وتحليل متطلبات التمويل لتحديد التدفق النقدي اللازم لتمويل النفقات السنوية، لكن هذا الرقم سوف يختلف بشكل كبير، حيث ستشعر بعض العائلات بالرضا عن العيش على دخل صحي ليس باهظاً، بينما قد يفضل البعض الآخر السفر والعيش برفاهية أكبر.
وفقاً ل- Moore فإن نمذجة انخفاض بنسبة 40٪ في سوق الأسهم، ثم تحليل ما إذا كان الفرد يمكنه تلبية أهدافه الاستهلاكية يمكن أن يكون كافياً لتحديد التدفق النقدي اللازم لتلبية تطلعات نمط حياتهم.
حيث يلاحظ Moore مع العائلات الثرية أن الأمر لا يتعلق عادةً بمحادثة حول معدل الحرق ونفاد الأموال، إذ أن لديهم ما يكفي للحفاظ على أسلوب حياتهم فما هي أهداف الدرجة الثالثة حول قضايا الإرث؟.
يقول Moore إنه سؤال يميل إلى الظهور عندما يأخذ بناة الثروة في الاعتبار العلامة التي يأملون في تركها على عائلاتهم ومجتمعهم، وعندما تشكل الثروة المتزايدة تحديات وتعقيد أكبر.
يمكن القول أنه عندما تمتلئ الخزائن العائلية، تزداد حرية عيش الحياة وفقاً لشروطها فقط، على سبيل المثال وجدت دراسة أجرتها جامعة بنسلفانيا عام 2021 أن الرفاهية تزداد مع زيادة الدخل بما يتجاوز 80 ألف دولار، وتتناقض هذه النتائج مع الأبحاث السابقة والتي أشارت إلى أن السعادة تبلغ ذروتها عند دخل يبلغ حوالي 75000 دولار.
كما وجد استطلاع أجرته شركة Globe and Mail عام 2018 وجود علاقة مباشرة بين الدخل والرضا، حيث أفاد ما يقرب من 80٪ من المشاركين الذين كسبوا أكثر من 150 ألف دولار سنوياً أنهم سعداء للغاية، بينما كان الرقم 57٪ لمن يكسب أقل من 50000 دولار.
من الجدير بالذكر أن العائلات الثرية التي تعمل على تحديد قيمها المشتركة ومناقشة كيف تتوافق أهدافها وما يأملون في تحقيقه معاً، يكون لديهم وقت أسهل في إيجاد شعور بالتوازن وإدارة ثرواتهم بشكل أفضل، وغالباً ما يكون اكتشاف ما يعنيه مصطلح lagom بالنسبة لهم هو معرفة الفرص التي تتيحها أموالهم وكيف يمكنهم استخدامها بأكثر الطرق إنتاجية.
لابد من الإشارة إلى أنه عندما يطلب من العملاء ذوي الثروات العالية شرح أفضل الأشياء التي فعلوها لأنفسهم أو لعائلاتهم، فإنه نادراً ما يظهر تقدير الأصول.
بل إنهم يميلون إلى التركيز بدلاً من ذلك على كيفية استخدامهم لوقتهم بشكل هادف سواء كان ذلك عبر العطاء من خلال العمل الخيري، أو استخدام أموالهم لبناء عمل تجاري ناجح أو الاستمتاع بالوقت مع أسرهم.
في النهاية يمكن القول أن المال هو مجرد أداة للقيام بما هو أكثر أهمية بالنسبة لك.