فكروا في العودة إلى التسعينيات، وأوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما أدى الارتفاع في التكنولوجيا إلى “تفريغ” سوق العمل في أمريكا الشمالية، حيث أصبحت الوظائف اليدوية، آليةً.
كانت الخسارة كبيرةً لوظائف “المهارات متوسطة الدخل”. فقد تخلت الولايات المتحدة عن 6.2 مليون وظيفة تصنيعية، بين عامي 1998 و 2010، و كندا، عن 625000.
ولا تزال الآثار الاقتصادية، محسوسةً حتى اليوم، وفقاً لتقرير جديدٍ صادر عن TD Economics.
قطاع الطاقة الكندي، أنقذ كندا من أسوأ ما في هذا التحول. وبينما انخفضت وظائف التصنيع، ارتفعت الوظائف في قطاع النفط والغاز الذي ازدهر بنسبة 71%، بين عامي 2001 و 2014.
وكتب كبراء الاقتصاديين في TD، وهما Beata Caranci، و Francis Fong: “لكن الآن، هذا على وشك التغيير”.
يقول الاقتصاديون أن الدمار الذي خلّفته الوظائف، بسبب تراجع التصنيع في التسعينيات، معرضٌ لخطر أن يتكرر، مع انتقال كندا والعالم إلى اقتصاد منخفضِ الكربون.
إن التزام أوتاوا بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لتصل إلى صافي (الصفر)، بحلول عام 2050، سوف يؤدي إلى “تحولٍ زلزالي” في صناعة النفط والغاز الكندية.
ويقدّرون أنه يتوجب على الطلب على النفط والغاز في أمريكا الشمالية، أن ينخفض بمقدار النصف، ليصل إلى هدف (الصفر) الصافي.
ويعمل الآن حوالي 600000 شخص بشكل مباشر، أو غير مباشر، في هذا القطاع في كندا، وخاصةً في ألبرتا، وساسكاتشوان، ونيوفاوندلاند، ولابرادور.
وبحلول عام 2050، يتعرض 50% إلى 75%، من هؤلاء العمال، لخطر التشريد، وذلك بسبب الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ويتراوح عدد العاملين بين 312000 و 450000 عاملاً.
هناك اعتقاد سائدٌ، بأن العديد من هؤلاء العمال سيتمّ استيعابهم في قطاع الطاقة النظيفة، ولكنّ الاقتصاديين يشيرون مرةً أخرى لتراجع التصنيع كتدابير تحذيرية. وكان السبب في هذا التحول الكبير، هو أن التكنولوجيا ساهمت في خلق وظائف مختلفة جداً، في مناطق مختلفة من البلاد.
على سبيل المثال، من بين أكبر الولايات التي عانت من فقدان وظائف التصنيع، فقد استفادت ميشيغان فقط من مكاسب الوظائف بين عامي 2010 و 2019.
الشيء نفسه ينطبق على يومنا الراهن. حيث يؤكد الاقتصاديون أن الإنتاج التقليدي للنفط والغاز، لن يختفي تماماً، لكن تطوير طاقات نظيفة جديدة، قد لا يعتمد على العمل عليها فوق رواسب الوقود العتيقة.
تعمل أونتاريو بالفعل على ترسيخ نفسها في التحول.
لتصبح موطناً لأكثر من 40% من طاقة الرياح في كندا، و 98% من الطاقة الشمسية، كما تتمتع المقاطعة بفرصة هائلةٍ لتعمل على قطاع الطاقة المتجددة الخاص بها، وربما تحويل إمدادات الطاقة الخاصة بها بعيداً عن غرب كندا.
ومن أجل تجنب أخطاء الماضي، لدى الاقتصاديين ثلاث توصيات لواضعي السياسات:
– التركيز على البنية التحتية للطاقة النظيفة، والتنمية داخل المجتمعات، التي سوف تعاني من أسوأ آثار التحول.
– تحديد المهارات اللازمة في قطاع الطاقة النظيفة، والعمل مع الصناعة لتصميم برامج تدريبية، لإكمال مزايا التدريب الكندية.
– دعم الدخل الذي يمكن أن يعوض خسائر العمال المطرودين من الوظيفة بشكلٍ جزئي، إضافةً لبرامج محددة للعمال الأكبر سناً، مثل منح المعاشات التقاعدية.
يقول الاقتصاديون أن التحول إلى الطاقة النظيفة، يوفّر فرصةً كبيرةً لإعادة تنشيط قطاع الطاقة الكندي، والشركات هنا، تمتلك القدرة على أن تصبح قياداتٍ عالميةٍ بسبب خبرتهم في المشاريع الكبرى.
ولكنّ التاريخ، قد أظهر أن مثل هذا التحول لقوى السوق، يمكن أن يسبب عدم المساواة، والعمالة الناقصة.
نهايةً، يجب على صنّاع السياسة، ألا يشعروا بالقلق، بشأن التحولات الهيكلية التي تؤثر على عمال النفط والغاز.
ينبغي النظر في نهج أكثر ابتكاراً، لتحولات سوق العمل، وإعطائه الأولوية، بالتوازي مع أهداف الانبعاثات المناخية، وذلك كوسيلة لتخفيف العواقب الاقتصادية والاجتماعية السلبية غير المقصودة.