كانت كندا وجهة جذابة للغاية للمواهب العالمية قبل جائحة كورونا ، وكان أكثر من مليون مقيمٍ دائمٍ جديد، وعمال أجانب مؤقتين، وطلاب دوليين، يصلون إلى كندا سنوياً.
وبالطبع، لقد غير الوباء، الكثير من الأشياء.
وبالتالي، يجب إعادة التعرف على ما إذا كانت هذه التغييرات ستؤثر على جاذبية كندا للوافدين الجدد بعد الوباء، أم لا.
عموماً، ينجذب الوافدون الجدد لمستويات المعيشة المرتفعة في كندا، بما فيها الفرص الاقتصادية، ونظام الهجرة المفتوح، وموقف الترحيب بالناس في جميع أنحاء العالم.
وشكّل الطلاب الدوليون نسبة أكبر من الوافدين الجدد إلى كندا على مدار العقد الماضي.
ففي الاستطلاعات التي أجراها المكتب الكندي للتعليم الدولي، يستشهد الطلاب الدوليون بسمعة كندا، كمجتمعٍ متسامحٍ وغير تمييزي، وسمعتها كدولة آمنةٍ، باعتبارها من أهم الأسباب التي تجعلهم يختارون الدراسة فيها.
ومع ذلك، فقد خلق الوباء تحديات كبيرة، سوف تستمر بعد انتهائه، وقد تقوّض جاذبية كندا.
التأخير في معالجة الطلبات، محبطٌ للقادمين الجدد.
مجموعات بارزة من الوافدين الجدد، كحاملي تأكيد الإقامة الدائمة (COPR)، الذين لا يزالون مقيدين من الانتقال إلى هنا، يحق لهم أن يكونوا أقل ثقة في نظام الهجرة الكندي، وفي رغبة كندا على الترحيب بهم.
كما قد تضر الظروف الاقتصادية الأضعف في كندا، بمدى جاذبيتها. وقد يكون من الصعب على الوافدين الجدد، في أفضل الأوقات، أن يعثروا على عمل مربح في كندا، وقد يصبح هذا الأمر أكثر صعوبةً في السنوات القادمة، حيث تتطلع كندا وبقية العالم لإعادة اقتصاداتهم إلى المسار الصحيح.
ومع ذلك، هناك عدة أسبابٍ وراء احتمال الرغبة قوية لدى مجموعة الأشخاص الذين يتطلعون للانتقال إلى كندا بعد الوباء.
* لماذا تبدو كندا مستعدةً لتبقى جذابة للمواهب العالمية:
في عام 2020، استطلعت خدمات التعليم العالمية (WES) ما يقارب 28000 مهاجراً محتملاً، لقياس اهتمامهم بالانتقال إلى كندا وسط الوباء.
وتعتبر WES من بين المنظمات التي تم تعيينها من قبل الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية (IRCC)، لتقييم أوراق الاعتماد الأجنبية لأولئك الذين يقدمون طلبات الهجرة الكندية.
أجرت WES ثلاثة استطلاعات، وحددت ثلاث استنتاجاتٍ رئيسية:
– زاد الاهتمام بالهجرة إلى كندا خلال فترة الوباء في عام 2020.
– انخفض عدد المستجيبين الذين كانوا يتطلعون لتأخير الهجرة إلى كندا.
– شعر المستطلَعون، أن الظروف الاقتصادية في بلادهم ستكون أسوأ مما هي عليه في كندا.
هذه النتائج مهمة جداً، لأنها تؤكد عدم تأثر الاهتمام بالهجرة إلى كندا بالوباء، وأن الوافدين الجدد المحتملين، ربما ينتقلون إلى كندا، بالرغم من التحديات الاقتصادية فيها، لأنهم يعتقدون أن الظروف الاقتصادية في بلدانهم ستكون أسوأ.
من المفهوم لماذا قد يتبنى المهاجرون هذا الرأي مستقبلاً.
اقترضت كندا مبالغ مالية غير مسبوقة، لتدعم اقتصادها خلال الوباء. وتم اتباع التحفيز المالي لدعم الأفراد وأرباب العمل، ولتغطية التكاليف المتعلقة بـ COVID-19.
وبررت الحكومة الكندية وبنك كندا هذا النهج، على عددٍ من الجبهات. فعلى سبيل المثال، جادلت الحكومة الفيدرالية بأن أسعار الفائدة المنخفضة التي أدخلها بنك كندا في بداية الأزمة، قد جعلت الاقتراض رخيصاً، وسيمكّنها ذلك من سداد الديون المرتبطة بـ COVID بمجرد تعافي الاقتصاد.
كمل جادل المحافظ السابق لبنك كندا، وأشار للأمر بصورةٍ تعبيرية، قائلاً: “رجل الإطفاء لا يُنتَقد أبداً لاستخدامه الكثير من المياه”.
بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن كندا ستخرج من الوباء في وقت أقرب من معظم البلدان.
كانت حملة التطعيم الكندية بطيئة، ولكنّ شحنات اللقاحات تزايدت في الأسابيع الأخيرة.
كما تهدف الولايات المتحدة لاستكمال حملة التطعيم في غضون الأشهر القليلة المقبلة. وكلما حدث ذلك في وقت مبكر، كلما كان الاقتصاد الكندي في وضعٍ أقرب للتعافي. حيث ستكون الولايات المتحدة قادرة على تسهيل تصدير اللقاحات إلى دول مثل كندا.
ومن شأن معدلات التطعيم المرتفعة في كندا أيضاً، أن تمكّن البلدين من التفكير بجدية في رفع قيود السفر الحدودية، التي أعاقت نموّ الاقتصاد الكندي خلال العام الماضي.
هذا قد يمثل أخباراً جيدة للكنديين، والمهاجرين المحتملين على حد سواء، حيث يجب أن يكونوا قادرين على الاستمتاع بثمارِ اقتصادٍ كندي أقوى.
علاوة على ذلك، فمع استكمال حملات التطعيم الخاصة بالبلدين، يمكن للولايات المتحدة وكندا أم يعملا معاً لمساعدة المجتمع العالمي، في تطعيم سكانه والخروج من الوباء بأنفسهم، مما يمنح الاقتصاد العالمي دفعة قوية.
من المهم أيضاً، أن نتذكر أن الأسباب الرئيسية لجاذبية كندا للوافدين الجدد تبقى قائمة
حيث تريد كندا الترحيب بالوافدين الجدد من جميع أنحاء العالم، ولديها حالياً إعفاءات سارية لمجموعات مثل العمال الأجانب المؤقتين، والطلاب الدوليين، وأفراد أسر المواطنين الكنديين، والمقيمين الدائمين، وغيرهم.
فقد قامت الحكومات الفيدرالية، وحكومات المقاطعات، بدعوةِ مرشحين جدد للهجرة طوال فترة الوباء، وسيسمح لهم في النهاية بدخول البلاد عندما تتحسن الظروف.
ضاعفت كندا من التزامها بالهجرة، وذلك عبر استهداف أكثر من 400 ألف مقيمٍ دائمٍ جديد سنوياً بين عامي 2021 و 2023.
وتعتبر كندا، الدولة الوحيدة في العالم التي تقدم أكثر من 100 مسار مختلف للمهاجرين من الطبقة الاقتصادية. وبالنظر لمدى تنوع هذه المسارات، فلن تواجه كندا صعوبةً كبيرةً في العثور على عدد كافٍ من المرشحين بعد الوباء.
وبالإضافة لذلك، يجب أن تبقى كندا جذابة للعمال الأجانب المؤقتين (TFWs)، والطلاب الدوليين، نظراً لتنوع الفرص التعليمية والاقتصادية فيها، وفرص الهجرة المتاحة لهم هنا.
بعض العاملين في مجالات العمل مثل أولئك الذين يندرجون تحت Global Talent Stream، هم مؤهلون للحصول على تصاريح عمل عاجلة.
الشباب من البلدان الصناعية الزميلة، أيضاً مؤهلون للحصول على تصاريح عمل مفتوحة، (والعمل في أي وظيفة، أو لدى أي صاحب عمل من اختيارهم)، في إطار برنامج فئة الخبرة الدولية.
كما تقدم كندا واحدة من أكثر الباقات جاذبيةً في العالم، للطلاب الدوليين.
حيث يمكن للطلاب، أن يحصلوا على تعليمٍ جيد، بتكلفةٍ تنافسيةٍ عالمية، وكذلك العمل أثناء دراستهم وبعدها، ومن ثم الحصول على ميزةٍ عند التقدم إلى برنامج الهجرة.
تستفيد TFWs أيضاً من نفس الميزة، وهي أن البرامج الفيدرالية والإقليمية المختلفة، سوف تمنح المزيد من النقاط، أو تقدم مسارات مخصصة للمرشحين الذين يمتلكون الخبرة الكندية.
* يبدو المستقبل مشرقا للهجرة الكندية:
تعتبر التحديات المتعلقة بالوباء في كندا، وخارجها، شاقة للغاية، ولكن كل الأشياء التي تم أخذها في الاعتبار، هي تحدياتٌ قصيرة المدى نسبياً، ويجب أن تكون كندا قادرةً على معالجتها، من أجل دعم جهود جذب الوافدين الجدد.
وإضافةً للأسباب المذكورة أعلاه، فيجب أن تحافظ كندا أيضاً على جاذبيتها للقادمين الجدد، نظراً لاثنين من ميزاتها الفريدة.
قبل الوباء، كانت كندا ترحب بالوافدين الجدد من حوالي 175 دولة مختلفة سنوياً. وستستمر المجتمعات القوية، والمتنوعة في البلاد، في جذب الموجات المستقبلية المهاجرة، من الوافدين الجدد.
تقوم IRCC بإنفاق حوالي 2 مليار دولاراً، كل عام، على خدمات توطين المهاجرين، مثل التدريب اللغوي، ودعم التوظيف.
هذا الإنفاق، من شأنه أن يؤكد الرسالة التالية للوافدين الجدد: (كندا ملتزمةٌ بمساعدتك على النجاح، على الرغم من التحديات المستمرة التي قد تنشأ في أعقاب الوباء).