الارتفاع السريع لأسعار المساكن، في ظل انتشار الوباء، أثار قلق الكثيرين، وبالتالي، ليس غريباً أن تتعالى الدعوات الموجهة إلى الحكومات للتحرّك.
بدأت تظهر مجموعةً من التدخلات الحكومية، مثل إلغاء الإعفاء على عائدات بيع المسكن الرئيسي، وتشديد لوائح الرهن العقاري.
طبعاً، تعتمد الطريقة الصحيحة لتخفيض أسعار المساكن على تشخيصٍ صحيحٍ لظروف السوق. هل الزيادة السريعة في الأسعار كانت بسبب أساسيات السوق، أم أنها نتيجةً للمضاربة في السوق ؟
انخفضت أسعار الفائدة في كندا بشكل مطرد، على مدى العقدين الماضيين، وأدى ذلك لانخفاض معدلات الرهن العقاري إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، هذا الأمر قد تكون له نتيجتان مباشرتان:
أولاً- معدلات الرهن العقاري شديدة الانخفاض، تقلل من تكاليف الاقتراض لمشتري المساكن، حيث تنخفض مدفوعات الرهن العقاري الشهرية بشكلٍ كبير.
ثانياً- إنها تسبب ضغطاً متصاعداً على التسعير، ذلك أن مدفوعات الرهن العقاري الشهرية هذه، هي أقل تأثراً بزيادة الأسعار، مقارنةً بأسعار الفائدة المرتفعة.
نظراً للظروف الحالية، يملك مشتري المنازل المستقبليين، إجابتين منطقيتين:
1- اتركوا المال الذي تملكونه على الطاولة، وانتظروا المستقبل الذي تنخفض فيه الأسعار، ولكن أسعار الفائدة ستكون أعلى.
2- أو قوموا بالشراء الآن، لتستفيدوا من أسعار الفائدة المنخفضة الحالية.
معدلات الرهن العقاري
وحتى إذا كانت مدفوعات الرهن العقاري الشهرية متشابهة في حالتَي أسعار الفائدة المرتفعة والمنخفضة، فإن الموارد المالية طويلة الأجل للأسرة، تتأثر بشكل مختلف، وذلك لأن قسط الرهن العقاري الشهري يتكون من عنصرين: هما الفائدة، والمبلغ الأساسي.
ومع ارتفاع معدل الرهن العقاري، بنسبة 5% أو أكثر، يمكن لمكوّن الفائدة أن يستهلك أكثر من ثلثي القسط الشهري الأول، بينما يخصص الباقي لخفض أصل الدين.
التوازن بين انعكاسات الفائدة، والمبلغ الأساسي، بأسعار فائدة منخفضة، بمعدل رهن عقاري، على سبيل المثال 2%، يمكن أن يمثل المبلغ الأساسي المدفوع ثلثين، أو أكثر، من القسط الشهري، وحسابات الفائدة لبقية المدفوعات.
يعتقد Will Dunning، وهو اقتصادي مخضرم في مجال الإسكان، أن القدرة على تحمل تكاليف الإسكان قد تحسنت على مدار 15 عاماً الماضية، وذلك لأن مالكي المنازل يمكنهم أن يوفروا المزيد عندما تشكل المدفوعات الرئيسية حصةً كبيرةً من القسط الشهري.
ولكن على الرغم مساعدة أسعار الفائدة المنخفضة في دعم القدرة على تحمل التكاليف، يعتقد البعض، أن الزيادة السريعة الأخيرة للأسعار، تشير إلى الوفرة غير المنطقية.
وقال Sal Guatieri، كبير الاقتصاديين والمدير في BMO Capital Markets، إن أساسيات السوق، هي التي تدفع أسعار المساكن، والطلب عليها
حيث خلقَ المزيد من المشترين، وعددٌ أقل من البائعين، حالةً أدت لارتفاع الأسعار بشكل أسرع.
يمكن للمشترين المحتملين، أن يضعوا افتراضين حول المستقبل، فيما إذا ارتفعت أسعار المساكن بسرعة.
قد يعتقدون أن الأسعار ستستمر في النمو، وبالتالي فإن استجابتهم العقلانية للظرف الحالي، ستكون القيام بالشراء الآن، وليس آجلاً.
أو أنهم قد يفترضون أن ما يسمى بالفقاعة، سوف تنفجر قريباً، وقد يبقون على الهامش منتظرين ظروف شراء ملائمة لهم.
مع ارتفاع الأسعار، يشير الكثير إلى عدة مقاييس، مثل نسبة سعر المساكن إلى الدخل، الأمر الذي يشير إلى تدهور القدرة على تحمل تكاليف الإسكان.
ولكن نسبة السعر إلى الدخل، لن تكون مهمة فعلاً، إلا إذا كان مشتروا المساكن، يقومون بدفع الثمن كاملاً، ونقداً.
حيث أن معظم مشتري المساكن يقترضون المال لشراء منزل.
لذلك، قد تكون حصة الدخل التي تستهلكها تكاليف الإسكان مقياساً أفضل للقدرة على تحمل التكاليف.
في كلتا الحالتين، يمكن أن تسبب التدخلات الحكومية نتائجاً غير مقصودة، لها تأثيرات دائمة.
ففي أوائل السبعينيات، طبقت الحكومة الفيدرالية ضريبة أرباح رأس المال، بناءً على نصيحة لجنة كارتر. وكانت النتيجة غير المقصودة والفورية، هي التدهور السريع في تشييد المساكن المؤجرة لهذا الغرض.
نقص مزمن
وبعد أكثر من أربعة عقود، لم يصل بناء المساكن المؤجرة إلى نفس الارتفاعات التي كانت عليها في أوائل السبعينيات.
وينطبق الشيء نفسه على المعروض من المساكن عموماً.
في السبعينيات، كان عدد السكان الكنديين أقل بكثير من اليوم، وتم بناء المزيد من المساكن.
ولكن منذ منتصف السبعينيات، انخفض بناء المساكن نسبياً، على الرغم من استمرار الزيادة السكانية.
إذا رغبت الحكومات بالتصرف، فعليها أن تدرك أن البناء السكني في كندا، لم يواكب النمو السكاني على مدى العقود الخمسة الماضية.
وبدلاً من إلحاق الضرر بأصحاب المنازل، ومشتري المنازل، الحاليين، من خلال اللوائح غير المباشرة، يجب أن تتعاون المستويات الحكومية الثلاثة، لتعالج النقصَ المزمنَ في المعروض من المساكن.