أفادت دراسة جديدة صادرة عن جامعة ميشيغان الأمريكية أنه على الرغم من تراجع التضخم خلال العام الماضي، إلا أن معظم الأمريكيين يعتقدون أن التضخم المرتفع بات هو الحالة الطبيعية الجديدة السائدة في البلاد.
تكمن أهمية هذا المنحى الجديد في أنه بقدر ما ينظر الأميركيون إلى التضخم المرتفع باعتباره حالة طويلة الأجل، فقد يزيد ذلك من احتمالية تحقيقه أو يتطلب من الاحتياطي الفيدرالي اتخاذ إجراءات أكثر إيلاماً للتغلب على التضخم المرتفع.
هذا وقد أصدرت جامعة ميشيغان يوم الجمعة استطلاعها الأولي لثقة المستهلك لشهر نوفمبر/تشرين الثاني والذي أظهر أن الأمريكيين يتوقعون معدل تضخم سنوي بنسبة 3.2% خلال خمس إلى عشر سنوات من الآن، وهو أعلى مستوى منذ عام 2011.
يشير الاستطلاع إلى أن معدل التضخم المتوقع للمشاركين خلال السنوات الخمس المقبلة انخفض إلى 2.7% في أكتوبر/تشرين الأول من 2.8% في سبتمبر/أيلول، لكنه لا يزال أعلى مما كان عليه في صيف عام 2022.
يبدو أن الأمريكيين كان لديهم ثقة أكبر في أن التضخم سوف يتراجع إلى مستوى ما قبل الوباء في أغسطس/أب من عام 2022 عندما كان 2٪ هو متوسط توقعات التضخم على المدى الطويل، مما هم عليه الآن.
في السياق ذاته يقول الخبراء أن العلاقة بين توقعات التضخم ونتائج التضخم الفعلية غامضة، ولكن من الناحية النظرية فإن الأشخاص الذين يتوقعون ارتفاع معدلات التضخم سيضغطون بقوة من أجل زيادة الأجور، وقد يبذلون قصارى جهدهم في المواقف التعاقدية المختلفة لضمان وجود حماية ضد ارتفاع الأسعار.
يضيف الخبراء أنه إذا كانت هذه القوى راسخة بعمق، فقد تمنع التضخم من الاستمرار في التحرك نزولاً إلى هدف بنك الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
أما من الناحية العملية، لا تقوم توقعات المستهلك بعمل جيد في التنبؤ بالتضخم، على سبيل المثال طوال العقد الأول من القرن الواحد والعشرون أظهر المسح الذي أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي أن الأمريكيين توقعوا باستمرار معدل تضخم يبلغ نحو 3%، ولكن هذا لم يتحقق أبداً، بل ظل معدل التضخم بدلاً من ذلك مستمراً عند مستوى أقل من 2%.
إذا كان هذا هو الأمر بين الأمريكيين العاديين، فإن الإقتصاديين المحترفين توقعوا تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 2.5٪ على مدى السنوات الخمس المقبلة، كما توقعوا أن ينخفض مقياس التضخم إلى 2.2% لفترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات من الآن.
أما في الأسواق المالية فإن الفجوة بين العائدات المحمية من التضخم والأوراق المالية العادية تشير إلى تضخم سنوي بنسبة 2.3% على مدى السنوات الخمس المقبلة، وأسعار السندات توحي بمعدل تضخم في مؤشر أسعار المستهلك يبلغ 2.36% في فترة تتراوح بين خمس وعشر سنوات من الآن.
خلاصة القول تشير الأسواق المالية إلى أن العودة إلى التضخم بالقرب من الهدف الذي حدده بنك الاحتياطي الفيدرالي أمر وشيك، بينما كان المتنبئون المحترفون أقل تفاؤلاً في هذا الصدد، أما المواطنون العاديون فهم لا يصدقون ذلك.

















