تشير تقارير حديثة من صحيفة Wall Street Journal إلى تزايد عدد المهنيين الشباب الذين يختارون مفهوم التقاعد الجزئي، حيث يتركون وظائفهم لفترات طويلة لتحقيق أحلامهم في السفر وتجربة الحياة.
وبحسب بيانات شركة Gusto، على الرغم من أن نسبة العمال الذين يأخذون فترات إجازة طويلة لا تزال صغيرة نسبياً، إلا أن جيل الألفية هو الأكثر تفاعلًا مع هذا الاتجاه.
يقول الخبراء أنه صحيح أن هذه الفترات توفر فرصة للقيام بتجارب فريدة لا يمكن القيام بها في مراحل لاحقة من الحياة، إلا إنها تحمل أيضاً مخاطر جدية تؤثر على المدخرات التقاعدية، فالتخلي عن سنوات العمل ذات الأجر المرتفع يمكن أن يؤثر سلباً على العوائد المالية على المدى الطويل.
على سبيل المثال، تم تقديم حالة لشخص يبلغ من العمر 30 عاماً ويحقق دخلاً سنوياً قدره 90 ألف دولار مع زيادة سنوية بنسبة 5%، حيث إن فقدان سنة واحدة من العمل كل عقد من الزمن قد يكلفه حوالي 600 ألف دولار من مدخراته عند التقاعد، حتى لو استطاع العودة إلى نفس الوظيفة بنفس الراتب الذي كان يتقاضاه.
وبالإضافة إلى تأثير الإجازات على المدخرات، تتجاوز المخاطر المالية مجرد خسارة مدخرات التقاعد، فإذا لم يستمر صاحب العمل في دعم التأمين الصحي أثناء فترة الإجازة، فقد يضطر الموظف إلى تحمل تكاليف باهظة لتغطية (Cobra)، مما يعرضه لخطر مالي كبير إذا مرض أثناء السفر.
وعلاوة على ذلك، إذا تكبد الموظف ديوناً لتغطية تكاليف السفر بينما كان بدون دخل لعدة أشهر، فقد تؤثر الفائدة المستحقة على تلك الديون على قدرة الشخص على الادخار في السنوات القادمة، حيث سيتعين عليه تخصيص جزء من دخله لدفع تكاليف الرحلات السابقة.
وحتى مزايا الضمان الاجتماعي يمكن أن تتأثر سلباً بفترات الإجازة الطويلة، وتعتمد المزايا على نسبة مئوية من متوسط الأجور المكتسبة على مدى 35 عاماً، فإذا أخذ الشخص إجازات بشكل متكرر خلال سنوات ذروة دخله، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى خفض متوسط الأجر، مما يعني شيكات تقاعد أقل.
وكل هذا، مع الأخذ في الاعتبار أنه قد لا يكون من السهل العثور على وظيفة مناسبة عند العودة. حيث أن 11% فقط من أصحاب العمل يقدمون إجازات تفرغ، مما يعني أن بعض الأشخاص قد يضطرون إلى التخلي عن وظائفهم للذهاب في هذه الإجازات، وقد لا يقوم صاحب العمل السابق بتوظيفهم مرة أخرى، وقد يشعر أصحاب العمل المحتملون في المستقبل بالقلق بشأن الفجوات الطويلة في سيرتهم الذاتية، مما يزيد من صعوبة العثور على عمل بأجر جيد.
قد يعتقد البعض أنهم سيتمكنون من العمل لفترة أطول لاحقاً لتعويض الوقت الذي قضوه بعيداً عن العمل. لكن الأبحاث تشير إلى أن هذا ليس ممكناً دائماً، حيث أفاظ مركز TransAmerica لدراسات التقاعد أن 17% فقط من الأمريكيين الذين قرروا التقاعد مبكراً فعلوا ذلك لأنهم كانوا في وضع مالي يسمح لهم بذلك، بينما أشار الكثيرون إلى مشاكل عائلية، أو مشاكل صحية، أو نقص فرص العمل كعوامل دفعهم نحو التقاعد المبكر.
خلاصة القول إذا كنت ترغب في السفر كجزء من شبابك، قد تكون هناك خيارات أكثر مرونة، مثل البحث عن وظائف عن بعد تتيح لك العمل أثناء السفر. ولكن إذا كنت تفضل فكرة الابتعاد عن كل شيء، فمن المهم وضع خطة للتخفيف من المخاطر المالية المحتملة قبل اتخاذ القرار، وإلا فقد تواجه عواقب غير مرغوب فيها في مستقبلك المالي.

















