يحتاج الليبراليون، وفقاً للعديد من مراقبي الانتخابات، إلى الحصول على ما بين 5 و 10 مقاعد في المقاطعة من أجل تحويل الأقلية إلى أغلبية.
وستأتي معارضتهم الرئيسية في هذا المسعى من ” كتلة كيبيك “. حيث تراجعت الأحزاب الفيدرالية الأخرى في الاقتراع الأخير خارج المقاطعة.
ويعود الفضل في وجود الليبراليين في هذا الوضع الذي يحسدون عليه، إلى الصفقة غير الرسمية التي توصل إليها الزعيم جاستن ترودو مع رئيس وزراء كيبيك فرانسوا لوغو في الأشهر التي سبقت الانتخابات.
فمن خلال سلسلة من إعلانات التمويل لمشاريع فيدرالية مربحة، والتي تتراوح من الإنترنت عالي السرعة إلى الحافلات الكهربائية، حصل ترودو على قدر من حسن النية من رئيس الوزراء الشعبي في كيبيك.
يُذكر أن ” كتلة كيبيك” استفادت من الخلاف بين الزعيمين خلال حملة 2019. ولكن في اليوم الأول من هذه الحملة، كان على زعيم الكتلة Yves-François Blanchet أن يجيب على سؤال حول “صداقة” ترودو و لوغو.
ومع ذلك، فإن تداعيات الصفقة التي تم إبرامها بين ترودو ولوغو تمتد إلى ما هو أبعد من الحظوظ الانتخابية لطرف أو آخر.
فمن المحتمل أن تشمل التنمية الاقتصادية في كيبيك، وقلقها الثقافي ، وحماية حقوق الأقليات، وكذلك مفاهيم الفيدرالية نفسها.
حرب ثقافية؟
ومن أجل استخلاص الآثار المترتبة على الصفقة، قد يكون من المفيد إعادة صياغة الفوائد السياسية التي تجلبها لترودو والليبراليين. حيث يبدو أن إعلانات التمويل قد جلبت لترودو القليل من السلام وسط الحروب الثقافية في كيبيك.
ففي عام 2019، كان الموضوع الساخن ضمن مسار الحملة في كيبيك هو موقف الأحزاب الفيدرالية من قانون المقاطعة الذي تم تمريره مؤخراً، وهو القانون الذي يحظر على المعلمين العموميين وغيرهم من موظفي الخدمة المدنية ارتداء الرموز الدينية في العمل.
وطالب لوغو قادة الحملة باحترام هذا القانون، بينما قام ترودو بمنح أوتاوا فرصة لنقل القانون للمحكمة العليا. لقد كان موقفاً خجولاً للغاية بالنسبة للعديد من معارضي القانون ، وخاصة أولئك الذين يعيشون خارج كيبيك، لكنه كان كافياً لإثارة كلمات قاسية من لوغو.
ومن ناحية أخرى، نصّب Blanchet نفسه كمدافع عن القانون من “التدخل الخارجي ” و حصل حزبه على 22 مقعداً، وخسر الليبراليون 5 مقاعد.
ومع ذلك، فإن مشروع القانون رقم 21، الذي يُطلق عليه قانون العلمانية، يعد ساحة معركة واحدة فقط في حرب ثقافية مستمرة في كيبيك، مما يضع القوميين المحافظين ضد الأنماط التقدمية.
وقد اندلعت نقاشات حادة حول بعض القضايا مثل مستويات الهجرة، والعنصرية المنهجية، و حرية التعبير في الحرم الجامعي خلال الأشهر الأخيرة.
وسواء كان متورطاً بشكل مباشر أم لا، غالباً ما كان النقاد يذكرون اسم ترودو في هذه المناقشات، كشخصٍ يمثل كندا متعددة الثقافات، وعازم على فرض مفاهيم أجنبية للحقوق والتصحيح السياسي الذي يهدد وحدة مجتمع كيبيك.
ويميل هذا القلق إلى إفادة “الكتلة”، إلا أن الوباء أعاد تركيز أولويات العديد من سكان كيبيك. حيث شغلت قضايا مثل سوق العمل الذي يهدد الانتعاش الاقتصادي، بالإضافة إلى نظام الرعاية الصحية الذي لا يزال مضطرباً بسبب الوباء ، وارتفاع معدلات الإصابة، في الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية.
وإذا كان ذلك ما يدور في أذهان الناخبين حالياً، هذا يعني أن ترودو في وضع جيد. حيث ظهر منذ شهر مارس/آذار في عدد من المناسبات مع لوغو، معلناً عن مشاريع مشتركة تم وصفها بأنها تضع الأساس لاقتصاد ما بعد الوباء.
وتشمل هذه المشاريع 50 مليون دولار لبناء مصنع لبطاريات السيارات الكهربائية، و 400 مليون دولار للإنترنت عالي السرعة، و 440 مليون دولار لجعل قطاع الطيران صديقاً للبيئة.
وشوهدوا معاً من جديد قبل أيام فقط من الانتخابات، حيث أعلن ترودو عن 6 مليارات دولار لمشروع مراكز الرعاية النهارية، بدون أي قيود، والذي يُعرف أيضاً باسم ” الفيدرالية غير المتكافئة” .
إنفاق غير متكافئ، حقوق غير متكافئة
إلى جانب إعلانات المشاريع هذه، أظهر ترودو أيضاً نهجاً أكثر مرونة وأقل مركزية تجاه الفيدرالية، عندما يتعلق الأمر بعلاقات كيبيك و أوتاوا على الأقل.
وفي حين أن ترودو لم يتردد في التدخل في بعض الأمور الإقليمية، فقد كان أكثر تردداً في القيام بذلك عندما يتعلق الأمر بتشريعات كيبيك التي تحمل تداعيات وطنية.
و عندما قدم لوغو مشروع القانون رقم 96 هذا الربيع، والذي سيعزز قوانين اللغة في المقاطعة ويغيّر الدستور من جانب واحد، فاجأ ترودو الكثيرين عندما لم يبدِ أي رفض أو مقاومة.
هذا على الرغم من المخاوف التي أعرب عنها المجتمع الناطق بالإنكليزية في كيبيك الذي كان قلقاً بشأن حقوق الخصوصية، بالنظر إلى أن مشروع القانون يقترح منح سلطات البحث والمصادرة لمفتشي اللغة.
وكما فعلت مع قانون العلمانية، تخطّط حكومة كيبيك لاستخدام بند الاستثناء لحماية القانون النهائي من الطعون الدستورية.
وفي كلتا الحالتين ، يستخدم لوغو ذريعة أن الحقوق الفردية المنصوص عليها في الميثاق تمنع كيبيك من حماية حقوقها الجماعية.
ومع ذلك، فإن استخدام بند الاستثناء يؤدي إلى تفاوت في الوصول إلى حقوق الميثاق الأساسية في جميع أنحاء البلاد.
وقد يسمح دعم ترودو لمشروع القانون رقم 96 بتجنب بعض المشاكل التي دائماً ما ينوي القوميون في كيبيك إثارتها.
لكنه يقترح أيضاً أن الفيدرالية الكندية يمكن أن تكون غير متكافئة، ليس فقط عندما يتعلق الأمر بالقدرة الشرائية، ولكن عندما يتعلق الأمر بحماية حقوق الأقليات أيضاً.
ما يعني الخروج عن الرؤية الأصلية للميثاق. وبالنسبة لترودو، سيمثّل ذلك ثمناً باهظاً يجب دفعه.
المصدر: CBC