يؤمن العديد من الكنديين أن نظام الرعاية الصحية الكندي الشامل، والمموّل من قبل دافعي الضرائب، أفضل من النظام الخاص في الولايات المتحدة.
كما يظن الكثير منهم أن هذا النظام يميز كندا عن النسخة الأمريكية المدفوعة تجارياً، والتي يُفترض أنها تتسم بعدم المبالاة.
لكن اتضح أن هذه الأفكار خاطئة إلى حد كبير، حيث قارن تقرير جديد صادر عن صندوق الكومنولث(وهو مؤسسة أمريكية خاصة معنية بالرعاية الصحية)، نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة مع الأنظمة الصحية في 10 دول أخرى متقدمة عالية الدخل.
وشملت المعايير التي تمت دراستها الوصول إلى الرعاية وعملية الرعاية والكفاءة الإدارية والإنصاف ونتائج الرعاية الصحية.
استخدم الباحثون هذه البيانات للتوصل إلى تصنيف إجمالي للدول الإحدى عشرة.
وجاءت الولايات المتحدة في المركز الحادي عشر (المرتبة الأخيرة)، تلتها كندا في المرتبة العاشرة، أي أنها وبعبارة أخرى، أسوأ من أي مكان آخر باستثناء الولايات المتحدة.
وكانت النرويج الأفضل من ناحية الأداء، تلتها هولندا في المركز الثاني، وأستراليا في المركز الثالث. وجاءت بعدها المملكة المتحدة وألمانيا ونيوزيلندا والسويد وفرنسا، مع سويسرا في المركز التاسع.
تملك كافة هذه البلدان نوع من نظام الرعاية الصحية الشامل، سواء كان نظاماً اجتماعياً مشابهاً لكندا، أو نظاماً مختلطاً مثل النظام الموجود في المملكة المتحدة وألمانيا حيث تتواجد الرعاية الصحية الخاصة والعامة في نفس الوقت.
وعلى الرغم من أن أداء كندا أفضل من الولايات المتحدة، يجب أن نقلق لأن أداء بلادنا أسوأ من الدول الغنية الأخرى التي تقدم أيضاً شكلاً من أشكال الرعاية الشاملة.
يُذكر أن نتائج دراسة صندوق الكومنولث ليست حالة شاذة، حيث توصّل تقريرٌ نشره معهد Fraser في عام 2020، إلى نتائج مماثلة.
وعلى عكس الدراسة الأمريكية، التي نظرت في 11 دولة، قارن Fraser كندا بجميع البلدان الغنية الأخرى التي تقدم رعاية شاملة، أي 28 دولة في المجموع.
وشملت معاييره الإنفاق والتوافر والاستخدام والوصول إلى الموارد والجودة والأداء السريري والحالة الصحية، مثل متوسط العمر المتوقع والوفيات.
وعلى الرغم من أن التقرير لم يقدم أي ترتيب، إلا أن أداء كندا كان ضعيفاً إلى حد كبير في جميع المجالات.
فباستخدام بيانات 2018، وهو العام الأخير الذي توفرت فيه بيانات قابلة للمقارنة عبر البلدان، احتل إنفاق كندا على الرعاية الصحية المرتبة الثانية بشكل عام، بعد سويسرا فقط.
ومع ذلك، فإن هذا المستوى المرتفع من الإنفاق لم يُترجم إلى نتائج جيدة. فعلى سبيل المثال، بالنظر إلى عدد الأطباء لكل ألف من السكان، جاءت كندا في المرتبة 26.
وجاءت سويسرا ذات الإنفاق الضخم في المرتبة السابعة. وبالمثل، كان أداؤنا ضعيفاً فيما يتعلق بإمكانية الوصول إلى الممرضات والأسرّة في غرف العناية، وأسرّة الطب النفسي، واحتلت المرتبة السابعة لأسرّة الرعاية طويلة الأجل على الرغم من ارتفاع مستوى الإنفاق. وكانت نتائج كندا على المؤشرات الأخرى سيئة بنفس القدر.
وتتوافق نتائج Fraser مع نتائج دراسة ” صندوق الكومنولث” . فبمقارنة أداء الرعاية الصحية مقابل الإنفاق، تعد الولايات المتحدة الدولة الأسوأ أداءاً ، وبعبارة أخرى تنفق الكثير وتحقق نتائج سيئة.
ويعد أداء كندا الأسوأ من بين الدول العشر المتبقية، مع ضعف نسبة الأداء إلى الإنفاق.
كما وجدت دراسة الكومنولث أن التباينات المرتبطة بالدخل في نتائج الرعاية الصحية كانت الأسوأ في كندا، في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.
سيتعين على منتقدي النظام الكندي الذين يفضلون شكلاً من أشكال الخصخصة أن يتعاملوا مع حقيقة أن أداء الولايات المتحدة أسوأ من أداء كندا في جميع المجالات. أي أن الخصخصة ليست حلّاً سحرياً.
وبالمثل، سيتعرّض أولئك اليساريين الذين ينتقدون النظام الأمريكي ويصرون على أن نظام كندا الاجتماعي الكامل هو أفضل، لضغوط شديدة لشرح سبب سوء أداء نظامنا مقارنةً بالدول الغنية الأخرى باستثناء الولايات المتحدة، والتي تقدم شكلاً من أشكال الرعاية الشاملة.
من المؤكد أن وجود نظام اجتماعي بالكامل لا يخلق مجالاً متكافئاً على الرغم من حجج مؤيديه.
ففي حالة عدم وجود خيار خاص في كندا، يسافر الكنديون المقتدرون إلى الخارج للحصول على رعاية إما غير متوفرة أو قد تنطوي على تأخير مُفرط في كندا، سواء كان ذلك جنوب الحدود أو في الخارج.
المصدر: National Post