ربما انخفض سعر استئجار شقة في بعض المدن الكبرى خلال الوباء، لكن يبدو أن تأثير ارتفاع أسعار البيع على منازل الإيجار لعائلة واحدة في أونتاريو، قد تضاعف.
أدى هذا الوضع ل” حروب العروض” التي ستسود في المستقبل المنظور، بحسب ما قال الخبراء.
قالت Sue Heddle، الوكيلة العقارية الاي تتمتع بخبرة 15 عاماً في مدن منطقة تورنتو الكبرى (GTA) في Mississauga و Oakville و Burlington: “لم أشاهد هذه الحروب من قبل”.
وأضافت أنها ترى أن المستأجرين يتجاوزون قائمة أسعار الإيجار، إضافة لتقديمهم دفعات مسبقة لأشهر.
حيث أدرجت إحدى عملائها منزلاً مستأجراً بمبلغ يزيد عن 700 دولار شهرياً، زيادةً عن عرضه الأساسيّ.
يقول وكلاء عقاراتٍ وخبراءٌ آخرون، أن نقص المنازل المؤجرة بات حاداً خصوصاً في بعض مناطق أونتاريو، التي تواجه مشاكل القدرة على تحمل تكاليف الإسكان. وهم يخشون من ازدياد سوء المشكلة، مع تكوين أسرٍ جديدة، أو وصول أسرٍ مهاجرة.
خاض Afshin Livar عدة حروبٍ أثناء بحثه عن منزل مستأجر لعائلته في الشهر الماضي في Richmond Hill، إحدى ضواحي شمال تورنتو.
وقال: “شعرت باليأس الشديد. من المحتمل أن تقدّم العطاءات والمزايدات، ثم تعود دون جدوى. وهذا يجعل الأمر مرهقاً للغاية”.
*مشكلة صعبة التتبع:
ليس هناك مصدر بياناتٍ يتتبع أسعار المنازل المؤجرة، ناهيك عن الإحصاءات التي تتعقب حروب العطاءات.
لكن Dana Senagama، الخبيرة الاقتصادية في شركة كندا للرهن العقاري والإسكان (CMHC)، ترى أن حروب العروض على منازل الإيجار، جاءت كنتيجة ثانوية لأسعار المنازل المرتفعة.
في الحقيقة، لا يوجد العديد من المنازل المتاحة للإيجار حالياً.
ووفقاً لبيانات CMHC، فإن ما يتجاوز 90% من المنازل المنفصلة في كندا، يشغلها مالكوها، مما يجعل أقل من 10%، إما إيجاراتٍ شاغرة، أو محتملة.
وتُظهر البيانات، أن متوسط الإيجارات لجميع أنواع المنازل في مدن أونتاريو، Ottawa، Toronto، Hamilton، London و Windsor قد ارتفع بين 4.7 و 8.4% في عام 2020، حتى في ظلّ زيادة الوظائف الشاغرة في جميع هذه المدن تقريباً.
وتقول جمعية العقارات الكندية (CREA)، التي تدير موقع Realtor.ca، أنها لا تتعقب بيانات المنازل المؤجرة، لأنها تشكّل جزءً صغيراً من قوائمها.
لأكثر من عقد، بقي Ralph Ciancio يبيع المنازل في Markham ومناطق أخرى شمال شرق تورنتو.
وقال، أنه فيما سبق، فقط المنازل المؤجرة ذات الجاذبية العالية، هي من يمكنها تقديم عروض أعلى من السعر المدرج. لكن اليوم، باتت حروب العطاءات شائعة.
قام الوكلاء والمستأجرون في منطقة أوتاوا، بوصف النقص الحادّ في تأجير المنازل، حيث واجه بعضهم حروب عطاءات. وبدأ الوضع ينتشر في مدن أونتاريو الأصغر.
*استئجار منزلٍ مرهقٌ كشراء منزل:
كان Livar قلقاً للغاية بشأن العثور على منزل لعائلته.
حيث انتقل إلى كندا من Hong Kong في عام 2019، ولا يزال لديه عمل هناك. وقال أن زوجته تعمل هنا، لكن مدخرات الأسرة تتزايد.
استغل مالك العقار سوق الإسكان المرتفع، وباع منزل Richmond Hill المكون من خمس غرف نوم حيث كان يعيش Livar، وزوجته وأطفاله الثلاثة، ويدفع 3500 دولاراً شهرياً.
وأثناء بحثه مجدداً، قال أنه تقدم بطلبٍ لمنزلٍ مدرجٍ بسعر 3800 دولاراً شهرياً، لكنه انتقل إليه مقابل 4600 دولارٍ.
وبعد البحث، وتغيير وكلاء العقارات، وخسارة 8 حروب مزايدة، تم قبول عرضه التاسع.
حيث كان الإيجار الجديد أصغر وأقدم، ويبلغ 3900 دولاراً، بالإضافة لقيامه بدفع أربعة أشهر مسبقاً لإبرام الصفقة.
قال Livar أن تجربته جعلته يتساءل، هل حروب عطاءات الإيجارات من صنع مالكي العقارات والوكلاء؟ لأنهم يدركون الوضع الذي يلعبون فيه.
يقول Murtaza Haider، الذي يدرّس إدارة العقارات في جامعة Ryerson في تورنتو، أن الوباء أعطى قيمةً للمساحة، وهذا أثر على أزمة القدرة على تحمل تكاليف الإسكان في كندا.
وهو يقول، بالنسبة للكثيرين، حوَّلت تدابير الصحة العامة المتعلقة بـ COVID-19 المنزل إلى أكثر من مجرد مكان تنام فيه وتأكل، فمنازلنا الآن هي مكاتبنا، ومدارسنا، وصالاتنا الرياضية، وكنائسنا أيضاً.
ويرى أن حروب عطاءات الإيجارات، هي نتيجة للوباء، وهذا يكشف أهمية المساحة الإضافية التي توفرها المنازل لكلّ من المالكين والمستأجرين.
وقال أن الجزء الآخر من المشكلة، هو أن كندا أمامها سنوات من البناء أذا تعلق الأمر بالمنازل المنفصلة، وشبه المنفصلة، والصفوف، وهي المنازل الأرضية المرغوبة بشدة.
حيث تُظهر إحصائيات CMHC أنه في تورنتو مثلاً، كان 37.7% من مشاريع المباني السكنية التي بدأت في عام 1990 عبارة عن منازل.
ولكن بحلول عام 2020، أصبحت 15.2% فقط.
خلال الفترة ذاتها، منذ 3 عقود، بدأت الشقق السكنية من 51.3%، إلى 72.7%.
*حصة المنازل تبدأ بالسكن:
هل يمكن أن يزداد سوء حروب العطاءات على تأجير المنازل؟
يقلق وكلاء العقارات والخبراء من استمرار ارتفاع إيجارات المنازل في المستقبل القريب، حيث يؤدي ذلك للمزيد من حروب العطاءات.
يشعر Ciancio بالقلق من أنه مع عودة الهجرة بعد الوباء، سيرتفع الطلب على الشراء والإيجار بشدة، مما سيزيد المشكلة.
كما يخشى Haider من أن جيل الألفية الذين لديهم أطفال في العقد القادم، سيدفعون جداً مقابل المنازل، لأنهم لن يبحثوا عن شقق بغرفة نوم واحدة أو استوديو.
وفي الصورة الكليّة، يرى Haider حلين لأزمة الإسكان: يجب على الحكومة إنشاء المزيد من المنازل ميسورة التكلفة، بما فيها المنازل الأرضية، وقد تحتاج أيضاً لدعم الإيجارات.
المصدر : cbc